اعتبر قائد الثورة الاسلامیة فی ایران آیة الله السید علی خامنئی الیوم السبت، أن الصحوة الاسلامیة التی تشهدها المنطقة تبشر بانتصار الشعوب على الاستکبار وسیادة الاسلام فی المنطقة والعالم.

وفی کلمته أمام المؤتمر الاول للصحوة الاسلامیة الذی ینعقد فی طهران، أکد قائد الثورة الاسلامیة فی نص کلمته على إن ما جرى فی العقدین الخامس والسادس من القرن الماضی المیلادی فی عدد من البلدان من تطورات أدت إلى تولی أنظمة تمیل غالباً إلى مدراس فکریة مادیة؛ وقد تورطت بمقتضى طبیعتها بشراک القوى الإستکباریة والإستعماریة الغربیة.

وقال قائد الثورة، إن ماشهدته إیران من ثورة إسلامیة کبرى کانت "على حد تعبیر الإمام الخمینی" بمثابة انتصار الدم على السیف بالإضافة إلى إقامة نظام متجذر ومقتدر وشجاع ومتطور ومؤثر فی الصحوة الإسلامیة الراهنة وهو أیضاًَ یشکل فصلاً مسهباًَ یحتاج  إلى بحث ودراسة وسیستوعب حتماً مساحة هامة فی تحلیل الوضع الحالی للعالم الإسلامی وکتابة تأریخه.

لذلک من العبث أن یعمد الأعداء أو السطحیون أن یعتبرونها موجة عابرة وحادثة سطحیة. وأن یحاولوا بتحلیلاتهم المنحرفة والمغرضة إطفاء شعلة الأمل فی قلوب الشعوب.

واضاف، أرید أن أقف عند ثلاث نقاط أساسیة:

أولاً ـ إلقاء نظرة مجملة على هویة هذه النهضات والثورات. وثانیاً ـ الآفات والأخطار والعقبات الکبرى التی تقف فی طریقها.  وثالثاً ـ إقتراحات بشأن مواجهة هذه الإشکالیات والأخطار ومعالجتها.
فی الموضوع الأول أعتقد أن أهم عنصر فی هذه الثورات هو الحضور الواقعی والشمولی للشعوب فی میدان العمل وساحة النضال والجهاد، لیس فقط بقلوبهم وعواطفهم وإیمانهم بل بأجسامهم وأقدامهم.

إن الفرق کبیر وعمیق بین هذا الحضور وبین انقلاب تقوم به مجموعة من العسکریین أو مجموعة مناضلة مسلحة أمام شعب لایتفاعل معهم أو حتى لایکون راضیاً عنهم.
وتابع قائد الثورة، فی حوادث العقدین الخامس والسادس من القرن المیلادی الماضی کان عبء الثورات فی عدد من بلدان آسیا وإفریقیا لاتحمله الجماهیر والشباب بل تنهض به مجموعات إنقلابیة أو فئات صغیرة ومحدودة مسلحة. أولئک صمموا وأقدموا ولکن حین غیروا هم أو الجیل الذی تلاهم غیروا طریقهم على أثر دوافع وعوامل عدیدة فإن الثورات إنقلبت إلى ضدها وعاد العدو لیفرض سیطرته مرة أخرى.

إن هذا یختلف کل الإختلاف مع تغییر تنهض به جماهیر الشعب التی تندفع بأجسامها وأرواحها إلى المیدان؛ وتطرد العدو من الساحة بکل تضحیة وفداء. وهنا تصنع الجماهیر فقط شعاراتها وأهدافها وتشخص عدوها وتفضحه وتتعقبه وترسم ولو بإجمال مستقبلها المطلوب وبالنتجیة تقطع الطریق أمام الخواص المداهنین والملوثین بل أمام المندسین وبذلک تحول دون الإنحراف ومداهنة العدو وتغییر المسیر.

إن التحرک الجماهیری قد یؤدی إلى تأخر الإنتصار النهائی للثورة ولکنه یبعد عن السطحیة وعدم الثبات.

إنه الکلمة الطیبة التی قال عنها سبحانه وتعالى "ألم تر کیف ضرب الله مثلاً کلمة طیبة کشجرة طیبة أصلها ثابت وفرعها فی السماء".

إننی حین رأیت التجمع الجماهیری الضخم المقاوم للشعب المصری الفخور من شاشة التلفزیون فی میدان التحریر أیقنت أن هذه الثورة منتصرة بإذن الله، وأذکر لکم هذه الحقیقة وهی أنه بعد انتصار الثورة الإسلامیة وإقامة نظام حکم  إسلامی فی إیران ومانزل إثر ذلک من زلزال عظیم هز القوى الطامعة الشرقیة والغربیة وماولده من موجة هائلة فریدة بین الشعوب المسلمة کنا نتوقع غالباً أن مصر سوف تنهض قبل غیرها.

والذی أثار فی قلوبنا هذا التوقع ما کنا نعرفه عن مصر من تاریخ جهادی وفکری وما أنجبته من شخصیات مجاهدة وفکریة کبری. لکننا لم نسمع صوتاً واضحاً من مصر. کنت مع نفسی أخاطب الشعب المصری بقول أبی فراس الحمدانی: "أراک عصی الدمع شیمتک الصبر/ أما للهوى نهی علیک ولاأمر!؟".

حین تدفقت الجماهیر المصریة إلى ساحة التحریر والساحات المصریة الأخرى فی المدن الأخرى سمعت الجواب. فإن الشعب المصری کان یقول لی بلسان قلبه" بلى أنا مشتاق وعندی لوعة/ ولکن مثلی لایذاع له سر".

ان هذا السر المقدس یعنی العزم على الثورة قد تبلور ونضج فی أعماق الشعب المصری بالتدریج وتجلى بإذن الله وحوله وقوته فی الساحة بشکله العظیم.

وتونس والیمن ولیبیا والبحرین سوف تجری على نفس هذه القاعدة إن شاءالله تعالی."ومنهم من ینتظر وما بدلوا تبدیلا".

فی مثل هذه الثورات إن المبادئ والقیم والأهداف لم تدون فی مشاریع مسبقة على ید الفصائل والأحزاب، بل هی مدونة فی أذهان کل أفراد الشعب المتواجد على الساحة وقلوبهم وإرادتهم ومعلنة ومثبتة فی شعاراتهم وسلوکهم.

بهذه المحاسبة یمکن بوضوح تشخیص أن مبادئ الثورات الحالیة فی مصر وباقی البلدان تتجلى بالدرجة الأولى فی ما یلی: إحیاء وتجدید العزة والکرامة الوطنیة التی انتهکت على ید الهیمنة الدکتاتوریة للحکام الفاسدین والهیمنة السیاسیة لأمیرکا والغرب.

رفع رایة الإسلام الذی یمثل العمق العقائدی والعاطفی للشعب، وتوفیر الأمن النفسی والعدالة والتقدم والتفتح مما لایتحقق إلا فی ضل الشریعة الإسلامیة.

الصمود أمام النفوذ والسیطرة الأمیرکیة والأوروبیة التی أنزلت خلال أعوام أکبر الضربات والخسائر والإهانات بشعوب هذه البلدان.

مواجهة الکیان الصهیونی الغاصب ودولته اللقیطة التی غرسها الإستعمار مثل خنجر فی خاصرة بلدان المنطقة وجعلها وسیلة لاستمرار سلطته المتجبرة وشرّد شعباً من أرضه التأریخیة.

مما لاشک فیه أن تبنی ثورات المنطقة لهذه المبادئ والأهداف وسعیها لتحقیقها لاینسجم مع رغبات أمیرکا والغرب والصهیونیة، وهؤلاء یبذلون مابوسعهم من جهد لینکروا ذلک. لکن الواقع لایتغیر بإنکاره.

إن شعبیة هذه الثورات أهم عنصر فی تشکیل هویتها، فالقوى الطامعة بذلت کل جهدها ومارست کل أسالیبها الملتویة لحفظ الحکام المستبدین والفاسدین والتابعین فی هذه البلدان؛ ولم تکف عن دعمهم إلا حینما انقطع أملها على أثر ثورة الجماهیر وعزمها.

من هنا، فإن هذه القوى لایحق لها أن تعتبر نفسها مساهمة فی هذه الثورات، وفی بلد مثل لیبیا لایستطیع تدخل أمیرکا والـ "ناتو" أن یشوه هذه الحقیقة.

فی لیببا أنزل الـ "ناتو" خسائر فادحة لاتعوض. ولو لم یکن هذا التدخل؛ کان من الممکن أن یتأخر انتصار الشعب اللیبی قلیلاً ولکن لم یکن ینزل بالبلد کل هذا الدمار فی بناه التحتیة ولا تزهق کل هذه الأرواح من النساء والأطفال؛ ولایدعی أؤلئک الأعداء الذین کانت یدهم لسنوات بید القذافی بأن لهم حق التدخل فی هذا البلد المظلوم المدمر.

إن جماهیر الشعب والنخب الجماهیریة والذین انطلقوا من الجماهیر هم أصحاب هذه الثورات والأمناء علی حراستها والذین یرسمون مستقبلها ویدفعون بعجلتها إن شاء الله تعالی.

وأما فی موضوع الإشکالیات والأخطار، فلا بد من التأکید أولاً أن الآفات والأخطار هی موجودة؛ ولکن هناک أیضاً سبلاًً للوقایة منها.

لاینبغی أن تکون الأخطار مبعث خوف للشعوب. دعوا الأعداء یخافونکم واعلموا "إن کید الشیطان کان ضعیفا" ورب العزة والجلالة یقول بشأن فئة من المجاهدین فی عصر الرسالة "الذین قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لکم فاخشوهم فزادهم إیمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوکیل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم یمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذوفضل عظیم".

لابد من معرفة الأخطار للوقایة من الحیرة والتردد عند مواجهتها ولنکن على معرفة مسبقة بتشخیص علاجها.

إننا واجهنا هذه الأخطار بعد الثورة الإسلامیة وعرفناها وجربناها وخرجنا من أکثرها بسلام بفضل الله وقیادة الإمام الخمینی ووعی جماهیرنا وبصیرتهم وتضحیاتهم.

طبعاً لایزال الأعداء یحیکون المؤامرات ولا زال الشعب یقاوم بعزیمة راسخة لاتلین.

إنی أصنف هذه الأخطار والآفات فی قسمین: ما کان له جذور فی داخلنا وینبثق من ضعفنا؛ وماکان نتیجة مباشرة لتخطیط أعدائنا.

القسم الأول هو من قبیل الشعور والظن بأن سقوط الحاکم العمیل والفاسد والدکتاتور هو نهایة الطریق.

إن هذا سیبعث على الإرتخاء وراحة البال والغرق فی نشوة النصر. ومایتبع ذلک من ضعف الدوافع وهبوط العزائم؛ وهذا هو الخطر الأول.

 وسوف یتفاقم هذا الخطر حین یعمد أشخاص إلى الحصول على حصة خاصة من الغنائم، ما جرى فی معرکة أحد حیث طمع المحافظون على مضیق الجبل بالغنیمة وما أدى ذلک إلى هزیمة المسلمین وإلى لوم رب العالمین، إنما هو نموذج بارز ینبغی أن لا ننساه أبداً.30449

کد خبر 173768

برچسب‌ها

خدمات گردشگری

نظر شما

شما در حال پاسخ به نظر «» هستید.
8 + 4 =