وللاسف یتوقع حصول ازدیاد ملحوظ فی ضحایا هذه الجائحة فیما لو استمرت الاصابة بهذا المرض علی هذا المنوال خلال الاسابیع المقبلة .
• لقد نشرتُ منذ بدایات تفشی فایروس کورونا و لحد الآن علی موقعی الالکترونی فی شبکة التلغرام و کذلک علی الشبکة العنکبوتیة و موقع (خبر اون لاین) الالکترونی العدید من المقالات بهذا الخصوص ، و کانت ثلاثة تقاریر منها تحدیداً تتعلّق بتوقعات سیر تفشی هذه الجائحة فی البلاد ، و اننی احمد الله بان تلکم التخمینات کانت صحیحة حتی الآن .
إلا اننی اتمنی ان لا یتحقق هذا التوقع بالتحدید مطلقاً ! و اننی واثق من انکم و جمیع القراء الکرام لهذه السطور لدیهم مثل هذه الامنیة ایضاً .
و لکن ما الذی بامکاننا فعله؟
• فی 27/3/2020 کان قد نشر ایمیل فی نفس هذا السیاق یذکر انه بالرغم من ان هذه الجائحة لم تکن قد تفشّت بشکل واسع فی امریکا و کانت حالات الوفاة الناجمة اثر هذا الفایروس فی ذلک البلد قد بلغت حوالی (2100) شخصاً آنذاک . کانت هذه المؤسسة الدولیة الامریکیة قد خمّنت انه اذا ما إلتزم الشعب الامریکی بشکل جاد بالتعلیمات الصحیة فان حالات الوفاة بعد مضی اربعة اشهر (ای قبل عدة ایام من الآن) ستبلغ 81000 حالة علی نطاق ذلک البلد .
بینما کانت احصائیة الموت المترتب إثر الاصابة بفایروس کوفید 19 بشکل عام فی العالم آنذاک تصل الی 23000 وفاة! و من هنا فان هضم مثل هذه المعلومة لیس بالامر الهیّن ذلک الحین . لکن ما الذی حصل؟ فلقد شهدنا ان الامریکان لم یلتزموا جیداً بتلک البروتوکولات ، و علیه فقد افتقد ذلک الشعب حتی الآن ما یفوق علی 131000 شخصاً من مواطنیه .
• توقعات هذه الموسسة حالیاً انه اذا ما استمر سیر حالات الاصابة بالمرض علی هذا المنوال الحالی فی ایران فستصل احصائیات الوفاة إثر جائحة کورونا فی البلاد الی (51000) شخصاً ای خمسة اضعاف العدد المسجّل فی الوقت الحاضر! . و کذلک تم التوقع انه اذا ما راعی المواطنون بشکل عام الملاحظات الصحیة خاصة استخدام الکمامات فان العدد المذکور سینخفض بنسبةٍ ملحوظة یُعتد بها .
بالرغم من انه لا یمکن التحدث بشکل قاطع مطلقاً بشأن مستقبل تفشی الجائحات إلا اننی و حسب المعطیات المتوفرة لدی عن تلک المصادر العلمیة ، کما ان جمیع توقعاتها من الناحیة العلمیة کانت دقیقة تقریباً حتی الآن ، فعلیه اننی واثق بان هذا الانذار جادّ و لا یمکن التغاضی عنه و الاستهانة به .
• ان اکبر جائحة اجتاحت العالم قبل کورونا تعود الی مرض الانفلاونزا فی عام 1918 ، حیث کان تفشیه یشبه فی العدید من الجوانب وباء الکورونا و کان مثیراً للقلق .
انتشرت الموجة الاولی للانفلاونزا فی تلک السنة منذ نهایات فصل الشتاء و استمر انتشارها حتی بدایة فصل الصیف .
و من ثم تصاعد تفشی المرض اعتباراً من اواسط صیف تلکم السنة من خلال موجة ثانیة شدیدة عارمة و رئیسیة للمرض .
لا تتوفر لدینا معلومات عن الاحصائیة الدقیقة لضحایا تلک الجائحة إلا اننا نعلم ان حوالی 50 – 100 ملیون نسمة فی العالم لقوا حتفهم خلال الاسابیع التی اعقبتها .
• بینما و الی ماقبل الحال الحاضر و فی بدایات تفشی فایروس کورونا فی البلاد کان المواطنون یتبعون جیداً تعلیمات الوقایة من المرض المذکور ، لکنه للاسف نحن الیوم نمرّ بحالة بلغ مستوی الالتزام بتلک النقاط خلال الاسابیع القلیلة الماضیة الی ادناه .
اضافة الی ذاک و بصفتی عضوا متواضعاً من بین المجتمع الطبی أشهد بان الکادر العلاجی و المستشفیات قد تلقت و تحملت حتی الآن ضغوطاً فضیعة یُخشی من انها لم تعد قادرة علی السیطرة ازاء کل هذا الکم من المرضی ! .
لقد فقدنا خلال هذه الاشهر الخمسة اکثر من (100) شخصاً من الاطباء و الکادر العلاجی الکفوء و ذو الخبرة ! فهل یمکنکم تصور کم یعتبر الطبیب رأس مال ضخم بالنسبة لهذا الوطن ؟
هل خطر علی بالکم حتی الآن کم هی نسبة الاطباء قبال عدد نسمات البلاد ؟
یوجد لدینا حوالی 117000 طبیباً و اخصائیاً فی مختلف الفروع و هم یقدمون الخدمات ل(80) ملیون من ابناء بلدهم ! .
ای ان کل طبیب و بشکل نسبی یقدم خدماته ل (70) الف شخصاً ! .
فمن خلال هذه الاحصائیة و بصورة تقریبیة اننا عندما افتقدنا ذلک العدد من حراس الصحة و السلامة فی البلاد فانه بالحقیقة حُرِمَ ملیون شخصاً من ابناء شعبنا من نعمة الخدمات الصحیة ! .
ارجوکم تریثوا ، و ارحموا انفسکم و باقی مواطنینا ! .
یاتُری ، ما الذی حلّ بنا؟
یبدو اننا کللنا و تضجّرنا و لم نعد نتحمّل کل هذه المشاکل و نتصور خطأاً ان بامکاننا التخلص من شر هذا المرض من خلال التعرض لحالةٍ خفیفةٍ منه .
إلّا اننا اذا لم نکن نعیر الاهمیة لانفسنا فعلینا علی الاقل التفکیر بآبائنا و امهاتنا و کبار السن و مرضانا و باقی مواطنینا.
و هو لیس بالامر المعقّد ابداً .
• ما الذی بامکان أیٌ منا فعله :-
مراعاة ضوابط الوقایة و التی تتضمن غسل الیدین کراراً ، و استخدام الکمامات ، و مراعاة الاسس الصحیة فی التنفس اثناء العطاس و السعال . و الالتزام بالفواصل و التباعد الاجماعی ، و الاحتراز عن المشارکة فی الاجتماعات، و عدم السفر ، و البقاء اکثر فی البیوت و تجنب الخروج غیر الضروری من البیت ، و عزل المرضی ، و مراعاة ضوابط الحجر فیما لو جری التواصل عن قرب مع المرضی ، و تشکیل المجموعات الصحیة .
علینا تقدیم العون لتجاوز مرحلة هذا المرض ! .
فعلی الشخصیات ذات التاثیر فی المجتمع النزول الی الساحة و استخدام وجاهتهم علی نطاق المجتمع و اجواء الشبکة العنکبوتیة و مواقع التواصل الاجتماعی لیدعون محبیهم و اتباعهم الی التعاون فی هذا المجال .
یتحتم علی مراجع الدین الکرام و رموز الشیعة و العلماء الافاضل التعاون و دعوة المؤمنین و ابناء الشعب الی الاهتمام بالنقاط اعلاه . وبالطبع فان علی الحکومة مهام عدیدة کذلک احترز عن تناولها فی هذه العجالة و اکتفی بالاشارة الی فرض الضوابط القانونیة و التشدد فی إلزام استخدام الکمامات و مراعاة الفواصل الصحیة و معاقبة السذّج و المتسیبین.
• لب الکلام اننا نمرّ بحالة خطیرة .
ففی الایام المقبلة یروم فایروس کورونا التوغّل الی حیاتنا المعاشیة و الی عوائلنا و اصدقائنا و اقربائنا و کافة ابناء هذا الوطن .
نشهد ظروفاً تدنّت فیها نسبة الالتزام بالضوابط الصحیة فی المجتمع الی ادنی مستوی لها ، و لو التزمنا اعتباراً من هذا الیوم بمراعاة بعض نقاط الوقایة فلنکن موقنون ان بامکاننا تغییر مسار هذه العملیة .
لنرجع الی رحاب القرآن الکریم اذ یصدح و یقول :-
(ان الله لا یغیر ما بقوم حتی یغیروا ما بانفسهم) فالله لایغیر مصیر ای قوم إلا ان یقوموا هم بتغییر ما لدیهم .
ان سلامتکم هی امنیتنا القلبیة ، و ان صحة کل فرد من العائلة تعدل صحة المجتمع بأسره وسلامته .
علی امل تعاونکم انتم مواطنینا الاعزاء
* عضو المجمع العلمی الطبًی الایرانی و عضو لجنة مکافحة جائحة کرونا
نظر شما